تصاميم مُلهمة لركن القهوة المعاصر في المنزل العربي

تكثر الأقوال والأشعار التي تمجد القهوة، هذا المشروب العالمي الذي يتمتع بشعبية كبيرة بين عشاقه في جميع أنحاء العالم. يرتبط وقت احتسائه بالمتعة، والرفاهية، والاسترخاء، والتفكير العميق. كانت القهوة في الماضي تُقدّم في أباريقها النحاسية أثناء اللقاءات التقليدية في منزل الجدّ والجدّة، حيث كانت جزءًا أساسيًا من الزيارات والاحتفالات. ومع مرور الوقت، أصبح لها مكان خاص في المنازل الحديثة، مع أدوات وإكسسوارات مخصصة لتحضيرها.
ويقال: “القهوة مثل الحب، كلما صبرت عليها أكثر، ازداد طعمها حلاوة”، كما قالت الروائية التركية إليف شفق. وهي بالطبع ليست الوحيدة التي تغنت بهذا المشروب الدافئ، فقد وصفه العديد من الشعراء والكتّاب والمفكرين بأجمل العبارات. بل تعدى الأمر إلى تصويرها كـ “رفيقة الصباحات، والاستراحات، والتجمعات، والمساءات، والأفراح والأتراح”، لتصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.
جدول المحتويات
القهوة السعودية

استراحة لشرب القهوة في منطقة الجوف، شمالي السعودية، عام 1914 (مصدر الصورة: W.H.I. Shakespear /Royal Geographical Society via Getty Images)
لا يمكن تجاهل دور القهوة السعودية، التي تحظى بمبادرات خاصة تسلط الضوء على أهميتها وتجذرها في ثقافة البلاد وتراثها. ومن الجدير بالذكر في هذا السياق أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” أدرجت في عام 1444هـ/2022م البن الخولاني السعودي ضمن التراث الثقافي غير المادي للبشرية. ويُذكر أن زراعة هذا النوع من البن في المناطق الجنوبية للمملكة تمتد لأكثر من ثمانية قرون، وقد ارتبطت به عادات أهالي المنطقة، وأشعارهم، وأهازيجهم، بل وحتى اقتصادهم.

حبوب القهوة من منطقة عسير في السعودية (مصدر الصورة: BROKER/Michael Runkel/Getty Images)
يُنسَب البن الخولاني السعودي إلى قبيلة خولان بن عامر التي استقرت في الجبال الممتدة بين السعودية واليمن. يُزرع هذا النوع من البن في المرتفعات الجبلية بمنطقة جازان، حيث تتوفر الظروف المناخية والجغرافية المثالية. وبغض النظر عن نوع القهوة سواء كانت سعودية، تركية، “إسبريسو”، أمريكية، أو فرنسية، فإن تحضير القهوة يتطلب أدوات خاصة، وهي ترتب في ركن من المنزل يعكس ذوق صاحبته وتفضيلاتها.
ركن القهوة المعاصر

ركن القهوة في شقة بباريس من تصميم زكريا عليوي
في هذا السياق، يرى زكريا عليوي، مهندس العمارة السوري المقيم في مدينة إسطنبول التركية، أن “تصميم ركن القهوة في المنزل المعاصر يجمع بين الجمالية والوظائف العملية والاجتماعية”. ويوافق عليوي على ملاحظة “سيدتي” بأن القهوة ومتعلقاتها كانت دائمًا حاضرة في المجالس في منازل العرب، حيث كانت دلاء القهوة النحاسية تتقدم المجالس التقليدية بالقرب من المدفأة. أما اليوم، فيظهر ركن القهوة في المنازل بشكل عصري. ويعود تحول ركن القهوة إلى العصرنة إلى التطور التكنولوجي الذي طال ماكينات صنع القهوة، حيث أصبحت هذه الماكينات جزءًا أساسيًا في المنزل المعاصر. كما أن وقت احتساء القهوة تحول إلى تجربة شخصية تعزز الاسترخاء، مما يعكس أهمية هذا الركن في الحياة اليومية. لذلك، يهتم المصمم بتجربة المستخدم في المكان، ويسعى إلى خلق لحظات خاصة من خلال تصميمه.
تفضيلات شخصيّة

ركن القهوة مع مستلزماته من تصميم زكريا عليوي
وعن المنطقة المنزلية الأكثر مناسبة لاستقبال ركن القهوة، يوضح عليوي قائلاً: “الصالة، أو غرفة المعيشة، أو المطبخ، أو حتى غرفة النوم، جميعها مناطق منزلية يمكن أن تحتضن ركن القهوة. في هذا السياق، من خلال محادثاتي الأولية مع العملاء، أتمكن من أخذ انطباع جيد عن شخصياتهم عبر سؤالهم عن المكان المفضل لركن القهوة الخاص بهم”. ويشرح الفكرة قائلاً: “عند اختيار العميل أن يكون ركن القهوة في الصالة، مثلاً، فهذا يعكس مدى حبه للاجتماعات العائلية. أما إذا تم اختياره في المكتب المنزلي أو غرفة النوم، فهذا يعني أنه يفضل قضاء وقت خاص به ويستمتع بالاسترخاء في مساحة تحقق له الهدوء والمتعة أثناء احتسائه فنجان قهوته”.
وفيما يتعلق بسؤال عن مدى انسجام ركن القهوة مع المحيط الذي يقع فيه، أو إمكانية تصميم ديكور مميز له، يقول المهندس: “الفكرتان قابلتان للتطبيق. إذا كان الانسجام قائمًا، يمكننا استخدام نفس الألوان ومواد الديكور في الركن والغرفة التي تحتويه.
أما إذا كان هناك تباين، يمكن لصاحبة المنزل تمييز ركن القهوة بعنصر مختلف مثل الأثاث أو الإكسسوارات، مع استخدام الإنارة بطريقة تبرز الزاوية المعنية. لكنني أنصح بتجنب ازدحام الإكسسوارات أو خلق شعور بالفوضى في الركن، أو استخدام ألوان صاخبة أو إضاءة ساطعة. في المقابل، أشجع على تلوين الركن بألوان هادئة تعزز الاسترخاء، مع أهمية ألا يتم التضحية بالراحة والوظيفة من أجل الجمالية، بل اختيار قطع تجمع بين العوامل المذكورة جميعًا”.
جلسة محيطة

جلسة محيطة
3- طبق خبز وزبدة وفناجين قهوة وصحونها وسكرية من مجموعة La Stella من Vista Alegre
4- ماكينة قهوة من Smeg
5- فندي Fendi – الصورة من Launchmetrics/Spotlight ©
6- غلاية من تصميم Dolce & Gabbana لصالح Smeg
7- حامل كبير للكيك من مجموعة Amazonia من Vista Alegre
8- ماكينة Pulcina لتحضير قهوة الاسبريسو على الموقد من ALESSI
9- مجموعة القهوة القابلة للتكديس باسمWhite Flower Market من MacKenzie-Childs
10- طاولة قهوة مربعة مزودة بدرجين تحمل اسم Gabriella من Sarreid
11- سكرية تحمل اسم Soleil d’Hermes من HERMES
12- فنجان مع صحن من مجموعة The Meaning من Vista Alegre
في شأنِ تفاصيلِ الجلسةِ المحيطة بالركن، سواء كانت «لاونج»، أو منطقةَ معيشةٍ، أو مطبخاً، يدعو عليوي إلى:
- اختيار أثاث مريحٍ ومتناسقٍ مع ركن القهوة من ناحيةِ الألوانِ، والنقشاتِ والنمطِ المستخدمِ في التصميم.
- توفيرُ طاولاتٍ جانبيَّةٍ، وعددٍ من الكراسي القريبة من ركنِ القهوة لعملِ منطقةٍ للجلوسِ وشربِ القهوة، الأمرُ الذي يقومُ بدورٍ كبيرٍ في الربطِ بين الركن وهذه المنطقة.
- تبليطُ الأرضيَّة، حيث ركنُ القهوة، بمادةٍ مختلفةٍ «باركيه»، مثلاً، لتحديدِ الركنِ بالنسبة لمنطقةِ الجلوس، أو يمكن استخدامُ السجَّادِ لهذه الغاية.
- استخدامُ إنارةٍ دافئةٍ.